المعلم
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
إن كان أمير الشعراء أحمد شوقي – رحمه الله – قد ضّمن قصيدته بقوله قم للمعلم ووفه التبجيلا فإنني أقول له يا أمير الشعر هذا لا يكفي فالمعلم يستحق أكثر وأكب مما ذكرت، كيف لا ؟
فالمعلم العمود الفقري لأي حضارة، وحجر الزاوية لأي تاريخ وأساس التقدم في المجتمع، أما علمت بأن المعلم الأول والفذ لهذه البشرية محمد صلى الله عليه وسلم قصر وحصر كل مهمته في هذه الحياة بقوله (إنما بعثت معلما).
إن التدريس ليس رواية تنسج أو قصة تحكى أو سيمفونية تعزف وتغنى أو مسرحية تنفذ على خشبة المسرح، بل هو تاريخ لا حد له وأزل لا نهاية له فالمعلم في الفصل طبيب يعالج الاختلالات، وقاضٍ يفك النزاعات، ومربٍ يعدل السلوك وأب حنون يلجأ إليه المتعلم الذي يشعر بالقسوة،
والصديق الوفي لكل من وقع في مشكلة، والبشر العميق لكل من يحمل أسراراً لا يستطيع كتمانها، فهو كالعصى للأعمى، والرديف لكل متعثر، إن رأى خطأ غفر، وإن رأى عيباً ستر، المعلم يواجه كل أنواع وأطياف الطبائع والسلوكيات، فيتعامل معها دون ضجر أو ملل أو احتقار.
وكان هتلر لا يحشر المعلمين في حروبه، بل يحافظ عليهم ، ولما سئل عن ذلك قال: إن انتصرنا فالمعلمون سينشرون ثقافتنا، وإن انهزمنا فالمعلمون سيعيدوا بناءنا.
كان الله في عونك أيها المعلم.
بقلم : أ/ علي المزلم