عزيزي التربوي، عزيزتي التربوية …. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تناولنا في الحلقة الخامسة من (خواطر تربوية) موضوع ” مدير المدرسة وإدارته للوقت “، وفي حلقة اليوم سوف نتناول معاً موضوعاً مهماً يتعلق بأهم المهارات التي ينبغي أن يمتلكها مدير المدرسة كي تؤهله لممارسة ادواره في تغيير أوضاع المدرسة الادارية والتنظيمية والتعليمية باتجاه الجودة والتطوير المستمر بما يحقق الاهداف المنشودة من المدرسة.
إن الإدارة المدرسية اليوم مطالبة بالاستجابة لتحديات التي أفرزتها التطورات الهائلة والسريعة التي حصلت في العصر الحديث ، لذلك فلابد أن تستجيب لهذه التحديات تتم بمقتضاها تعبئة القوى البشرية والمادية والمالية وتوجيهها توجيها سليما وكافيا لتحقيق أهداف المؤسسة ، فالإدارة المدرسية مثل ما هي ممارسة اليوم في مؤسساتنا لابد أن تواكب التطورات لحاصلة في محيطها وتستجيب لتلك التحديات وأن تتخلى عن الممارسات والأساليب الكلاسيكية في التسيير والاستفادة من التقنيات الحديثة في التسيير الإداري.
ونظراً لتغير وظيفة المدرسة وزيادة مسئوليتها امتد دور مديرها اليوم ليكون قائداً تعليماً يبني خططاً استراتيجية في ضوء رؤية علمية مستقبلية ، تهدف إلى رفع مستوى التعلم لدى الطلاب، والإسهام في تجويد عملية التدريس ، وتوفير فرص النمو المهني لمنسوبي المدرسة ، وبناء القرارات وفق معلومات صادقة.
كما أصبح قائداً مجتمعياً يعي دور المدرسة في المجتمع، ويشارك القيادات وأولياء الامور في تجويد عملية التربية . كما أضحى – أيضاً – قائداً ذا رؤية علمية يستطيع من خلالها أن يستثمر طاقات المجتمع المدرسي، ويرفع روح الالتزام والإنجاز في الآخرين، ويؤمن باستثمار قدرات جميع الطلاب وتنميتها للوصول إلى أعلى المستويات بالإضافة الى طبيعة التغيير المستمر للمجتمع المدرسي وتأثره بالمتغيرات المتنوعة المحيطة والتي تؤثر في الطلاب ورسالة المدرسة.
إنّ مدير المدرسة هو الشخص المكلف بإدارة المدرسة والذي يمتلك الخصائص الفنية والإدارية والإنسانية بإدارة كل ما يتعلق بأمور المدرسة؛ بحيث يجعل جميع العاملين ينجزون اعمالهم تحت قيادته بمستوى عال من الدقة والكفاءة من أجل تحقيق الاهداف التربوية للمدرسة.
وحتى يتمكن مدير المدرسة من القيام بالمهام الموكلة إليه بفاعلية لابد أن يمتلك مجموعة من المهارات، التي تؤهله لممارسة ادواره في تغيير اوضاع المدرسة الادارية والتنظيمية والتعليمية باتجاه الجودة والتطوير المستمر بما يحقق الاهداف المنشودة من المدرسة والتي يمكن إجمالها في الآتي:
1. الاتصال:
فالاتصال من العمليات الضرورية والمهمة في المدرسة، حيث أنّه هو العملية التي يتم من خلالها تكوين العلاقات بين أعضاء المجتمع وتبادل المعلومات والأفكار والتجارب والخبرات فيما بينهم.
فمن خلال هذه الكفايات ينبغي على مدير المدرسة القيام بما يأتي:
أ. التأكد من أن الرسالة قد وصلت وقد فهمت.
ب. استخدام الكلمات العادية المفهومة للجميع، وتجنب الجمل المركبة.
ج. تجنّب التعليقات السلبية المثيرة للإحباط والتركيز على التعليقات الإيجابية.
د. مناقشة الشخص الذي تقوم معه بعملية الاتصال، للاطمئنان على فهم التعليمات الصادرة لها.
ه. الاستماع بعناية شديدة للحديث,
و. مناقشة الأهداف غير الواضحة، وبذلك تحقق الإدارة أفضل النتائج.
ز. أن يتعامل بفاعلية مع كافة الأفراد المحيطين( المعلمين، أولياء الأمور، التلاميذ، أعضاء المجتمع…إلخ).
ح. توفير وتحسين المناخ المدرسي.
ط. التعرّف على احتياجات ومتطلبات المعلمين المهنية.
2. إدارة وبناء فريق العمل:
فالإدارة المدرسية في عصر التحولات والتغيرات الجذرية لن تعتمد على الفردية؛ بل على العمل كفريق يعمل على تحقيق النتائج والمخرجات التعليمية المرجوة، وامتلاك الإدارة المدرسية هذه الكفايات يمكنها مما يأتي:
أ. تأليف الفريق من أعضاء متكاملين تتوافر فيهم الثقة، والرغبة في مساعدة بعضهم بعضاً.
ب. توفير المناخ الملائم لعمل الفريق، حتى يتمكن من تطوير البرامج التربوية في المدرسة.
ج. مساعدة الفريق على التكيف مع المتغيرات الحادثة في بيئة المدرسة وبخاصة التغيرات التكنولوجية.
د. تنفيذ القرارات والتوصيات التي تم التوصل إليها من خلال الفريق الذي يتألف من: معلمي المدرسة، وأعضاء من الإدارة المدرسية، والأخصائي النفسي، وبعض أولياء الأمور، مما يضمن المصداقية في اتخاذ القرارات وتنفيذها، واندماج جميع أعضاء مجتمع المدرسة سواء كانوا العاملين بداخلها أو خارجها.
ه. المحافظة على الاتصال السريع والمؤثر والمفتوح بين المدرسة والمنزل.
و. القيام بدور الوسيط في حل النزاع بين الأعضاء.
ز. إيجاد طرائق يمكن بها تقييم أعمال الفريق.
ح. تبني استراتيجية جيدة لعمل الفريق داخل المدرسة تعتمد على أحدث الأساليب التربوية في تربية التلميذ في المدرسة.
3. إدارة الوقت:
الوقت من الموارد المهمة والنادرة بالنسبة لعضو الإدارة، حيث أنه يتميز عن باقي الموارد الأخرى بعدم إمكانية تخزينه أو شرائه أو إحلاله، فأي وقت ضائع لدى عضو الإدارة لايمكن تعويضه لأنه ضائع للأبد؛ لذلك فإن هذه المهارات تساعده على أن يقوم بـ:
أ. التخطيط الجيّد للوقت، والذي يساعد على تحديد الأولويات، ووضع قائمة بالمهام، وتوقع الفرص، وتجنب التضارب في الوقت.
ب. التنظيم الجيد للوقت والذي يساعد على: العمل بطريقة فعالة، والتحفيز للمستقبل، وتوفير نظرة أوسع للعمل كله.
4. صياغة التقارير:
إن توافر كفاية صياغة التقارير لدى إدارة المدرسة تساعده على معرفة مستوى أداء المدرسة والعاملين فيها، وهي مهارة يمكن اكتسابها بالتدريب، ومن أهم هذه التقارير:
أ. التقارير الدورية التي تصف مدى نجاح المدرسة في تحقيق أهدافها.
ب. التقارير السنوية عن العمليات والعاملين والتي تصف مدى التقدم الذي حققوه في أعمالهم.
5. إدارة الصراع:
فالصراع هو شيء طبيعي وجزء لا يتجزأ من حياتنا، ولا يجب أن ننظر إلى الصراعات بين العاملين في المنظمة على أنها دائماً سيئة، ولكن يجب أن نعرف أن الاختلاف في وجهات النظر لا يميثل تهديداً للمنظمة، ولكنه شيء صحي؛ وذلك لأنه عندما يتفق فريق العمل دائماً على شيء واحد فلن يكون هناك روح الإبداع والابتكار ، ولن يتعلموا من بعضهم بعضاً، لذلك فعلى الإدارة المدرسية أن تستغل الصراعات بين فريق العمل في تطوير المدرسة ودفعها نحو المستقل المنشود.
6. تحديد المشكلات واتخاذ القرارات الجيدة:
فالقائد المدرسي يقوم بمساعدة مرؤوسيه في المدرسة بصنع القرارات المشتركة، وذلك لأن الابتكار في اتخاذ القرار يأتي من تزاوج الأفكار مع الآخرين؛ حيث إن القرار في هذه الحالة يكون حصيلة أفكار المجموع وليس القائد الإداري وحده، وهذه الكفايات تمكن القائد من أن يستخدم منهجاً علمياً في اتخاذ القرارات وحل المشكلات والذي يعتمد على:
أ. تحديد المشكلة وتحليلها: وذلك للوصول إلى التحديد الواقعي لها بحيث يمكن صياغتها بصورة موضوعية وعرضها بطريقة تسهل من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقديم الحلول المناسبة لها.
ب. تحديد البدائل: حيث يتم في هذه المرحلة تحديد مجموعة من البدائل وعدم التركيز على بديل واحد، وذلك لأنّ وجود بديل واحد يعني أنه لا توجد مشكلة.
ج. تقييم البدائل: حيث إن جميع البدائل تقوم إلى حل المشكلة، ولكن كل منها له إيجابياته وسلبياته، ولذلك يتم اختيار البديل الذي يشمل الإيجابيات الأكثر ويلقى قبولاً من الآخرين، وتكون احتمالات النجاح له كبيرة.
د. اختيار البديل الأفضل: حيث يقوم أعضاء الإدارة بانتقاء أفضل البدائل.
ه. التنفيذ والمتابعة: يجب أن يقوم أعضاء الإدارة المدرسية بالتنفيذ، حتى يحوزوا على ثقة العاملين؛ وذلك لأن القرارات التي لا تدخل حيز التنفيذ تصبح عديمة القيمة.
و. التقييم: للتأكد من مدى كفاءة القرارات التي توصلت إليها المجموعة.
7. التعامل مع الآخرين:
فالمدير القائد لم تعد تلك الشخصية التي تتحمل كافة المسؤوليات والأعمال، ولم يعد المدير الإداري الأول في المنظمة؛ ولكنه أصبح ذلك الشخص الذي يتحمل المسؤولية مع الآخرين، لذلك يجب أن يمتلك المدير المهارات التي تمكنه مما يأتي:
أ. العمل في فريق.
ب. التفويض للآخرين كجزء أساسي في عمله.
ج. التعامل الجيد مع المواقف.
د. معرفة قيم واتجاهات الزملاء ونقاط القوة والضعف الخاصة بهم.
ه. التعامل مع المواقف الإدارية المختلفة والمتنوعة التي ستواجهه.
و. القدرة على التعامل مع الأفراد الأكثر خبرة وكيفية توجيه النقد لهم.
ز. الاتصالات الجيّدة والفعّالة.
8. إدارة الاجتماعات:
تُعدُّ الاجتماعات من أكثر الأساليب الفعّالة والمنطقية في اتخاذ القرارات وتبادل الأفكار والتفاوض من خلال المجموعة المجتمعية، وهذه المهارات تمكن مدير المدرسة من التجهيز الجيد للاجتماع، والذي يكون بمثابة اللقاء الثري الذي يستطيع به المدير تحفيز المعلمين على مواصلة الإنجازات في البرامج التربوية المعدة في المدرسة وتوضيح مدى جودة البرامج، كما أنه من خلال الاجتماع يتمكن المدير من لقاء الأخصائي الاجتماعي والنفسي للتعرف على المشكلات النفسية التي تعترض التلاميذ والخطط الموضوعة لحلها، لذلك وحتى يتمكن من استثمار وقت الاجتماع فإنّ عليه القيام بما يأتي:
أ. التحضير الجيّد للاجتماع، وتحديد جدول أعماله.
ب. تحفيز الأعضاء على المشاركة الفعالة في المناقشة وتقديم مقترحاتهم، من خلال توجيه الشكر للمتحدثين، واستجماع الأفكار والاحتفاظ بالهدوء والتوازن، والتدخل في الوقت المناسب.
ج. الإدارة الجيدة لوقت الاجتماع، وذلك حتى لا يصبح الاجتماع مصدراً لإهدار الوقت، وذلك بالتداخل في الحديث، واستخدام الاتصال البصري والحركي، وتحديد قواعد لإدارة الحوار والنقاش، مع تحديد فترة زمنية لكل موضوع سوف تتم مناقشته.
د. تنفيذ الاجتماع، والذي يشمل تنظيم الحوار والمناقشة، وعرض مشروعات القرارات، والتأكد من أن آراء المجتمعين تعبر بشكل صحيح عن القرارات التي تتخذ في الاجتماع.
9. التفاوض:
التفاوض هو تبادل وجهات النظر وتسوية الخلافات في مناطق اتفاق مشتركة ومصلحة متبادلة للتوصل لبعض أشكال الاتفاق سواء كانت رسمية أو غير رسمية، ويجب على مدير المدرسة أن يمتلك مهارات التفاوض، والتي تمكنه مما يأتي:
أ. اكتساب الصفات الشخصية المؤثرة.
ب. القدرة على الاتصال الجيد والفعال.
ج. البراعة في طرح الأسئلة.
د. مهارة الاستماع الجيد.
ه. القدرة على التحفيز.
10. التعامل مع الحاسوب:
تُعدًُّ القدرة على التعامل مع الحاسب الآلي مهارة إدارية لها شأنها، فاستخدام الحاسوب يعمل على زيادة إنتاجية القائد، كما أنّه يوفر له كثيراً من الوقت، فما يؤدى في ساعات بدون الحاسوب يمكن أن يؤدى في دقائق باستخدامه، كما أن الحاسوب يقدم دعماً كبيراً في مجال اتخاذ القرارات من خلال توفير كم هائل من البيانات والمعلومات المرنة السهلة الاستخدام أمام الإدارة، وتساعد برامج الحاسوب الإدارة على صياغة السيناريوهات لتقييم البدائل المختلفة المتاحة.
لذلك فإن اكتساب الإدارة مهارة استخدام الحاسوب يمكنه من:
امتلاك القدرة على تشغيل نظم الحاسوب وحل مشكلاتها ومشكلات البرامج البسيطة.
تطبيق المعرفة المتعلقة بالمصطلحات المرتبطة باستخدام الحاسوب في العملية التعليمية، ويتضمن هذا معرفة قوائم مصطلحات الحاسوب والتكنولوجيا المرتبطة بها.
تطبيق أدوات الإنتاجية للحاسوب واستخدامها بصورة مهنية، ويتضمن هذا:
أ. استخدام البرامج المساعدة في تنفيذ المهام الإدارية.
ب. استخدام البرامج في تصميم الوسائل التعليمية.
ج. استخدام أدوات البحث في تحديد الموارد التعليمية.
استخدام التكنولوجيا الإلكترونية في الحصول على المعلومات وتبادلها ويتضمن هذا:
أ. استخدام الشبكات المحلية والشبكات متعددة المجالات.
ب. استخدام مصادر الإنترنت في تحضير البرامج الدراسية.
استخدام التكنولوجيا التعليمية في جمع البيانات، وإدارة المعلومات وحل المشكلات، وصناعة القرار، والاتصال، واستخدامها في التدريس مع المناهج العادية.
ونظراً لأن التكنولوجيا متغيّرة فإن مدير المدرسة والمعلمين سوف يحتاجون إلى أن يصبحوا متعلمين مدى الحياة، بحيث تزداد معارفه ومهاراته وفاعليته، ولكي يستطيعوا المشاركة في عمليات التطوير المستمرة للنظم التعليمية.
11. التعامل مع المتغيرات:
يتصف عمل مدير المدرسة بالتغير بسبب عوامل كثيرة داخلية وخارجية تحدث تحولا في ظروف العمل؛ من تكنولوجيا متقدمة، وثورة معلوماتية هائلة تحتاج إلى مهارات خاصة للتعامل معها، وعلى عضو الإدارة أن يواجه الموقف بإحداث تغيرات في توجيهات العمل وأساليبه؛ إذ لابد له أن يكون على دراية باستخدام وإجادة الكمبيوتر والاتصال بشبكة المعلومات؛ حيث يساعد هذا في أن تصبح المدرسة مفتوحة على العالم؛ تأخذ منه وتقدم إليه، ومن ثم يجب عليه إتقان لغة العصر الحالي وهي الكمبيوتر.
وهذه المتغيرات التي تفرضها طبيعة الحياة في المستقبل لتحقيق أهداف المجتمع قد تتطلب منه مواجهتها وتحديد أنسب الآليات التي يتبعها من أجل إعادة التوافق مرة أخرى بين المدرسة والظروف المحيطة، وعليه أن يقوم بما يأتي:
إعادة تحديد الأهداف.
إعادة التخطيط ووضع البرامج.
إعادة التنظيم وتطوير الأساليب.
الالتجاء إلى التجديد والابتكار واستخدام محفزات لتسيير العمل.
وفي الختام لا يسعني إلاّ أن أقول مهما توفرت المباني والتقنيات المتطورة ، فإنها لن تستطيع وحدها أن تحدث التطور المطلوب من غير مدير ناجح يوجه العملية التعليمية إلى مسارها الصحيح .
أتمنى لجميع مديرينا ومديراتنا التوفيق والسداد.
والله من وراء القصد.