خواطر تربوية العدد:5 العام الدراسي 2020/2021م – مدير المدرسة وإدارته للوقت

استقبال العام الجديد 2020 مدونة المعلم

خواطر تربوية العدد:5 العام الدراسي 2020/2021م – مدير المدرسة وإدارته للوقت

خواطر تربوية العدد:5 العام الدراسي 2020/2021م

11/12/2020م

مدير المدرسة وإدارته للوقت

إعداد الدكتور: عبد الغني محمد إسماعيل العمراني

عزيزي التربوي، عزيزتي التربوية …. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تناولنا في الحلقة الرابعة من (خواطر تربوية) موضوع ” مفهوم التنسيق الإداري الفعال في الإدارة المدرسية”، وفي حلقة اليوم سوف نتناول معاً موضوعاً مهماً يتعلق بأغلى ما يملكه الإنسان وهو الوقت، وستكون خاطرتنا بعنوان” مدير المدرسة وإدارته للوقت”.

لقد جاء ديننا الإسلامي الحنيف داعياً إلى كل خصال الخير؛ ومنها الحث على العمل والجدية واستثمار الوقت، فالمطلع في كتاب الله العظيم يجد أنَّ الله تعالى أقسم بالوقت في فواتح عدد من سور القرآن الكريم ومن ذلك (والفجر . وليال عشر، والضحى . والليل إذا سجى، والعصر.) ويدل قسم الله بالمخلوق على عظم شأن المقسم به.

كما أن رسول البشرية محمدا صلى الله عليه وسلم بيَّن أن كل عبد موقوف يوم القيامة ليسأل عن وقته كيف قضاه وبماذا شغله، حيث يقول عليه الصلاة والسلام (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به) رواه الترمذي.

وفي مجال التعليم فإن هناك وقتا رسمياً مخصصاً للعملية التعليمية، ويتمثل في عدد ساعات اليوم الدراسي وعدد أيام الأسبوع التي يذهب فيها الطلاب إلى المدرسة، وعدد الأسابيع الدراسية في العام، وتختلف المدة الدراسية بين بلد وآخر طولا وقصرا؛ إلاَّ أنَّها تُعدُّ في اليمن الأقل على مستوى العالم حيث لاتصل إلى 28 أسبوعاً في العام، وقد لاتصل الأيام الفعلية للدراسة إلى 130 يوماً، بالرغم أنّها في بقية البلدان في الغالب لا تقل عن أربعين أسبوعاً في العام الدراسي الواحد.

حيث يُعدُّ معدل الإجازات في اليمن من أكثر المعدلات في العالم، فهناك أعياد وطنية وأعياد دينية، وعالمية، ومناسبات وغيرها، وهناك يوم كذا، ويوم كذا، وكلّها تنحت من الأيام المخصصة للدراسة.

إنّ الوقت يُعدُّ من أهم الموارد المتاحة لمدير المدرسة، وهو مورد ثابت وديناميكي، ويلعب دوراً حاسماً في ممارسة العمليات الإدارية بنجاح، وتحقيق أهداف المدرسة المنشودة، ولضمان ذلك، يتحتم على مديري المدارس أن يديروا ساعات العمل المحددة بشكل جيد على مهماتهم المرتبطة بمحتوى العملية التعليمية، وأن يخصصوا لها احتياجاتها التي تتطلبها من وقت العمل المتاح، لكونها تمثل أهم الأولويات والوسيلة الوحيدة لتحقيق أهداف المدرسة المنشودة باستخدام عملية التخطيط المستمرة والهادفة.

إنّ مدير المدرسة هو المسؤول الأول في المجتمع المدرسي عن تحقيق الأهداف المنشودة للمدرسة، ويتوقع منه أن يحقق ما هو مطلوب منه باستخدام الموارد المتاحة له استخداما فعالاً ومنتجاً لإشباع الحاجات الإنسانية المختلفة لأعضاء التنظيم المدرسي والعاملين فيه.

ويعرّف المدير الفعال “بأنه المدير القادر على قيادة العمل وتسييره في المدرسة بما يسمح بإنجاز كمية عمل أكبر وأكثر فاعلية في اقل وقت ممكن”.

ويتوقع من مدير المدرسة بحكم منصبه أن يحقق خدمات تعليمية تربوية عالية، ومعدلات من الترابط التنسيقي بين العاملين معه، لرفع وتحسين العملية التعليمية، وتطوير الأداء العام، و تحقيق الأهداف التربوية المرسومة لها بأقل تكلفة ممكنة في حدود وقت العمل المتاح من العمل اليومي، فإذا حقق ذلك كان  مديراً فاعلاً.

 إنّ مدارسنا تعاني  من مشكلة إهدار المدير للموارد المتاحة، ومن أهمها مورد الوقت، وتعزى عملية هدره للوقت، أو سوء إدارته إلى عوامل مختلفة منها: تدني مستوى وعيه بأهمية الوقت، وافتقاره إلى المهارات التي تعينه على إدارة وقته واستغلال والتحكم فيه وعدم إضاعته.

إنّ الكثير من مديري ومديرات المدارس يهدرون أوقات عملهم الرسمية بأساليب شتى، وتكون في العادة إرادية مقصودة، أو غير إرادية.

تواجه الإدارية المدرسية في اليمن العديد من التحديات التي تعيق عملها، وتقلل من فاعليتها، ومن أهم هذه التحديات سوء إدارة الوقت المتاح، وإهداره من قبل مديري ومديرات المدارس، وعدم استغلالهم له بشكل فاعل في تطوير العملية التعليمية التعلمية، وعناصرها الأساسية المختلفة، وصرفه على أمور شخصية، وذاتية بعيدة كل البعد عن العملية التعليمية.

وقد دلت بعض الدراسات التي أجريت حول الاستفادة من اليوم المدرسي عدم وجود استراتيجية واضحة لإدارة الوقت لدى مديري ومديرات المدارس، أدى ذلك إلى وجود وقت غير مستثمر الاستثمار الأمثل في المدارس في كثير من بلدان العالم.

وفي مدارسنا نجد وقتاً مهدراً لا يستفاد منه في الميدان التربوي مما ينعكس سلباً على مستوى الطلاب العلمي والثقافي ومن ثم على مستوى الكفاءة الداخلي لنظام التعليم في البلد.

وقد يعود وجود مثل هذه العوامل التي تؤدي إلى هدر الوقت المخصص للعملية التعليمية في مدارسنا إلى ما يأتي:

1.         عدم وجود جدول للحصص الاحتياطية، أو ما يسمى جدول التغطية؛ إذ  لا يوجد البديل الفوري للمعلم الذي يغيب بصورة مفاجئة وطويلة.

2.         سوء الإدارة وعدم كفاية التنظيم المدرسي.

3.         زيادة عدد العاملين داخل المدرسة مما يؤدي إلى زيادة مشكلاتهم التي يستغرق مدير المدرسة وقتاً طويلاً في حلها.

4.         كثرة الاجتماعات مما يؤثر سلباً على وقت وجهد مدير المدرسة.

5.         ضعف أساليب ونظم الاتصال في المدرسة مما يعطل وصول المعلومات والبيانات المطلوبة في الوقت المناسب.

6.         الزيارات المفاجئة والاجتماعات التي لا تنتهي باتخاذ قرارات أو حل مشكلات.

7.         ضياع الوقت في الأحاديث التليفونية وقراءة الصحف، وتصفح الفيس بوك ومراسلات الواتس.

8.         الانتقال من مهمة إلى أخرى قبل الانتهاء من المهمة الأولى.

9.         غموض أهداف الاجتماعات وعدم تحديدها.

10.       اتخاذ قرارات عشوائية غير مدروسة.

11.       قلة التنسيق بين المدير والمعلمين؛ حيث يكلف المعلمون بأعمال إدارية لا تمت إلى العملية التعليمية بصلة، أو إلحاقهم بدورات تدريبية أثناء الدوام المدرسي.

12.       ضعف الإشراف وافتقار مدير المدرسة للحزم في ظل ضبابية الثواب والعقاب، مما يجعل بعض ضعاف النفوس في الميدان التربوي يستغلون هذا الوضع لهدر الوقت المخصص للتعليم.

13.       قصور في إدراك بعض المعلمين لأهمية استثمار الوقت بفاعلية في ميدان التعليم وأثر ذلك على ضعف الأداء التدريسي.

14.       قلة إدراك الطلاب لأهمية استثمار الوقت في التعليم وفي النشاطات اللاصفية المفيدة.

15.       افتقار بعض المدرسين إلى مهارات إدارة الصف؛ حيث يضيع وقت الحصة في محاولة تهيئة النظام والهدوء؛ مما يجعل الطلبة لا يستفيدون من الحصة الاستفادة المطلوبة.

ويترتب على ضياع الوقت وسوء استثماره فقدان التحكم، والوقوع تحت ضغط العمل، وضعف الإنجاز، وإهدار الموارد، وإضاعة الفرص، وقلة التواصل مع الآخرين، وغياب الدوافع، وانخفاض المعنويات، والاستجابة للتغيرات.

ومن الإجراءات التي تساعد مدير المدرسة على إدارة الوقت بفاعلية داخل المدرسة ما يأتي:

–           تجهيز قائمة بالمهام التي يجب إنجازها، وترتيبها حسب الأهمية، وتحديد طرق إنجاز ما تم تحديده في القائمة، وتحديث قائمة المهام كل يوم، وبذلك بإلغاء بعض المهام وتقديم بعضها وتأخير بعضها الآخر، واستخدام جداول زمنية توضح أهداف الفعاليات التي يجب أن يقوم بها مدير المدرسة وأماكنها وأوقاتها، والمستفيدين منها، وتقسيم كل مهمة إلى خطوات لكل منها موعد نهائي لإنجازها، واستخدام سجل يومي لرصد السلوكيات والمهام اليومية، والعمل على تحليل ما يرصد بهذا السجل للاستفادة من الوقت الذي يهدر في موضوع ما لايحتاج إلى ذلك، والتركيز على أي خطوة مهمة ذات أولوية.

–           تجاهل المهام تجاهل المهام التي لا تؤدي إلى  نتائج، فمن السهل أن يشغل المديرون أنفسهم بعمل أقل أهمية، فكلما تم الإبعاد عن المهام الأقل انتاجاً؛ كان المديرون منتجين، واستغلال الأوقات التي تكون في ذروة الطاقة للمديرين لإنجاز المهام التي تعود على المدرسة بقيمة مميزة، واستخدام  الأوقات الأقل في معدلات الإنتاج للرد على المكالمات الهاتفية، أو إرسال الفاكسات، أو للاجتماعات وإدارة النقاشات.

–           وضع سلسلة من المواعيد النهائية شهرياً أو أسبوعياً أو يومياً لإنجاز المهام فكلما اقترب الموعد النهائي بدأ العمل الحقيقي، فالمواعيد النهائية تعمل كقوة دفع لزيادة الإنتاجية إذا تم الالتزام بها.

–           العمل على جمع المهام البسيطة المتشابهة والقيام بها في الوقت نفسه ، مثل الاطلاع على البريد والرد عليه؛ لأن الانتقال من نشاط إلى آخر والعودة إليه مرة أخرى، يستهلك وقتاً في محاولة إعادة التركيز والاندماج.

–           عدم تشتت الذهن في أكثر من اتجاه، والقناعة بأن النجاح ليس بمقدار الأعمال التي تُنجز؛ بل  هو بمدى تأثير هذه الأعمال بشكل إيجابي في المستفيدين.

–           سد المنافذ التي تودي إلى الهروب من المسؤوليات التي خُطط لإنجازها مثل: التردد والكسل والتردد والتأجيل والتسويف.

–           الاستعانة بالتقنيات الحديثة لاغتنام الفرص ولتنظيم الوقت، كالإنترنت والحاسوب والبريد الإلكتروني والهاتف والمفكرة الإلكترونية، والفاكس.

–           تهيئة المكتب للقيام بأداء عالٍ وكفء؛ من حيث الضوء والكرسي المريح والمكتب المرتب الذي لايوضع عليه  إلاّ ما يحتاجه المدير من أدوات وأوراق، مع محاولة التخلص من الأوراق الزائدة، ووضع كل شيء في مكانه في نهاية اليوم، بإرجاع كل ملف أو مستند إلى مكانه.

–           التوثيق الفعال حيث يشكل نظام التوثيق سواء كان الكترونياً، أو على الأوراق أبرز أداة تنظيم. لذلك لابد من التخلص من كل الوثائق غير المهمة؛ لأنّها ستفقد قيمتها بمرور الوقت.

–           تطبيق مبدأ تفويض السلطة  لرفع معدل الإنتاج، فالمدير لا يستطيع  القيام بكل العمل.

–           تطوير دقة المواعيد إلى عادة، لدى المديرين؛ لأن ذلك يجعلهم ملتزمين ويوفر لديهم الوقت.

–           الوقوف على مبادئ إدارة الوقت، وإتقان مهاراتها، ليستثمر المدير طاقاته في تفعيل العمل.

–           تقييم المديرين لذواتهم بتحليل قدراتهم على تنظيم الوقت، بوضع سجل للوقت ولائحة بالعوامل التي تستنفد الوقت، وبعد ذلك الخطوات العملية لتغيير العادات السلبية التي تسبب إضاعة الوقت.

هذه بعض الخواطر في إدارة وقت المدير حتى يكون مديراً فاعلاً في إدارة الوقت، وحتى يتم استثمار موارد المدرسة البشرية والمادية والمالية، بأقل وقت وأقل جهد وأكثر فعالية، وحتى تتحقق أهداف المدرسة المنشودة.

وفي الختام لا يسعني إلاّ أن أتقدم بآيات الشكر والامتنان والعرفان لكل مدير ومديرة أدار وقته بجدارة واستثمر كل الإمكانيات المتاحة في مدرسته.

والله من وراء القصد، وبالله التوفيق.

مشاركة هذه المشاركة